الثلاثاء، 25 سبتمبر 2018

العلاقة بين علم اقتصاديات التعليم وغيره من العلوم و إمكانية الاستفادة من اقتصاديات التعليم في الدول العربية

.



العلاقة بين علم اقتصاديات التعليم وغيره من العلوم و إمكانية الاستفادة من اقتصاديات التعليم في الدول العربية

إعداد
أسماء بنت عبدالرحمن الصالح
إشراف
د/هند الأحمد

العام الجامعي

1440هـ -2018م



المقدمة :


النظام التعليمي لا يعمل في عزلة أو انفصام عن نظم المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإنما يعمل في تفاهم وانسجام مع هذه النظم، يؤثر فيها ويتأثر بها يقدم لها خدماته ويفيد من خدماتها بمعنى أنها تعمل جميعاً في منظومة شاملة واحدة.


تغيرت النظرة إلى التعليم من كونه قطاع خدماتي إلى مفهوم أعم وأشمل من ذلك إذ ترتكز عليه عملية التنمية البشرية التي هي الهدف الأسمى والغاية المنشودة، وبدأت النظرة إلى الانفاق على التعليم تتغير تدريجياً وبدأ مفهوم رأس المال البشري في الشيوع بين علماء الاقتصاد المهتمين بالتربية، وكيف أن للتعليم دور كبيراً في المساهمة بالتنمية الاقتصادية، من أجل ذلك جاءت اقتصاديات التعليم كمنتج اقتصادي تعد له الدراسات وتبنى عليه الخطط التعليمية, فقد أجمعت فيه البحوث والدراسات خاصة في مجال اقتصاديات التعليم إلى أهمية التعليم كرأسمال بشري يفوق أضعاف رأس المال المادي التقليدي وتشير نتائج هذه الدراسات إلى ارتفاع العائد من التعليم وأن للتعليم دوراً بارزاً في النمو الاقتصادي.


وأن الاستثمار في رأس المال البشري يشبه تماماً الاستثمار في رأس المال المادي من حيث الأهمية إذ أن لتطوير رأس المال البشري انعكاسات هامة على النمو الاقتصادي، حيث أن هذه العلاقة ذات اتجاهين وأن التعليم والنمو الاقتصادي يدعم كل منهما الاخر. فمن ناحية يستطيع الاقتصاد النامي زيادة تخصيص الموارد لتطوير التعليم والصحة وغيرهما، ويساهم الاستثمار في المورد الإنساني في سرعة عملية النمو الاقتصادي من الناحية الأخرى من هنا أردنا في هذا البحث دراسة العلاقة بين علم اقتصاديات التعليم وغيره من العلوم و إمكانية الاستفادة من اقتصاديات التعليم في الدول العربية.


العلاقة بين علم اقتصاديات التعليم وغيره من العلوم:


ليس من المستغرب أن هذا العلم بمجالاته السابقة أن لا يعمل بصورة منفرده أو مستقلة عن بقية العلوم الاجتماعية بل إنه بمحاولاته هذه قد توثقت الصلة بينه وبين غالبية هذه العلوم ففي قضايا تحديد التكلفة والتنبؤ بها على سبيل المثال يلجأ الباحث في اقتصاديات التعليم عادة الى التعاون مع زملائه في علم الاقتصاد وغيره من العلوم المرتبطة بهذا المجال ،وكذلك يمكن أن يقال في حالة دراسة العوائد الاقتصادية للتعليم اما اذا تجاوزنا حدود العوائد الاقتصادية الى العوائد الاجتماعية والنفسية وغيرها فإن الباحث في هذا العلم لا يمكن ولا يجوز أن يعمل منفردا عن زملائه في علم الاجتماع أو علم النفس التربوي أو الصحة النفسية وغيرها من العلوم التي يمكن أن تفيد في هذا المجال. الرشدان(2015)



وقد ذكر مارك بلج (M.Blaug) من أن ثمة ارتباط بين علم اقتصاديات التعليم والعلوم الأخرى منها:

1.اقتصاديات التعليم وعلم الاقتصاد:

يتضح هذا الارتباط في كثير من الميادين والقضايا التي يهتم علم اقتصاديات التعليم بالبحث فيها ومن الأمثلة على ذلك كلفة التعليم ونفقاته،اقتصاديات سوق العمل ومدى ارتباطها بالنظام التعليمي، قياس العلاقة بين تكاليف التعليم والعوائد منه ،مصادر تمويل التعليم ،علاقة التعليم بالنمو الاقتصادي وغيرها من المواضيع.

مثال/ دراسة بدائل تمويل التعليم العالي الحكومي في المملكة العربية السعودية للدكتور عبدالله المالكي (2013):
تستهدف هده الدراسة بشكل رئيس إلقاء الضوء على المصادر أو البدائل المختلفة المطروحة لتمويل التعليم وذلك من أجل الإفادة منها قدر الإمكان لتعبئة الموارد المالية للقطاع التعليمي ولا سيما قطاع التعليم العالي الحكومي في المملكة العربية السعودية وفي سبيل ذلك استعرضت الدراسة أزمة تمويل التعليم وأهم مؤشرات تمويل التعليم وأشارت الى الوضع في المملكة الذي يدل على أن الانفاق على التعليم في ارتفاع مستمر بشكل عام وقد خلصت الدراسة الى أن من الضروري الأخذ ببدائل مختلفة لتمويل الانفاق التعليمي في المملكة بجانب المصدر الرئيس وهو الحكومة وذلك كمشاركة الأفراد في تمويل تعليمهم بالقدر الذي لا يؤثر على معدلات الالتحاق وتكافؤ الفرص ومشاركة القطاع الخاص ممثلا في شركاته ومؤسساته المختلفة من خلال الضرائب التشجيعية أو القروض أو الدعم والتبرع وغير ذلك وأخيرا من حيث الاستثمار الأمثل لكافة الموارد الطببيعية والبشرية المتاحة للمؤسسات التعليمية كتقديم الاستشارات والبحوث المختلفة للجهات الأخرى أو الاستفادة القصوى من المرافق والأجهزة التعليمية في الفترات المسائية والاجازات والمواسم وتأجير العقار غير المستثمر وخلافه .


2.اقتصاديات التعليم وعلم الاجتماع:

وتظهر هذه العلاقة بوضوح عند دراسة بعض القضايا ذات الصبغة الاجتماعية من جانب اقتصاديات التعليم مثل علاقة التعليم بالطبقة الاجتماعية وهل للتعليم دور في تكوين مثل هذه الطبقات الاجتماعية ،دراسات قياس العوائد الاجتماعية من التعليم أو العلاقة بين التكيف الاجتماعي للفرد وعلاقة ذلك بمستوى تعليمه ودخله ،دراسات حول مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية وعلاقته بالحراك الاجتماعي في المجتمع .


مثال/ دراسة التعليم والطبقة في مصر لأحمد زايد(2013):
تتناول هذه الدراسة أبناء الشرائح العليا يحصلون على فرص تعليمية أكبر، ليس فقط بحكم انتمائهم الطبقى ولكن أيضاً بحكم البنية الطبقية للتعليم ذاته. فهم لا يحصلون على فرص فى التعليم الحكومى فقط ، ولكن استقرار حياتهم وتوافر تراكمات مادية لديهم يجعلهم أكثر حرصا على تعويض أبنائهم من خلال الدروس الخصوصية ، وهم أكثر قدرة على دفع أبنائهم نحو التعليم الخاص فى المستوى ماقبل الجامعى والمستوى الجامعى أيضا . الأمر الذى يمنحهم ميزة نسبية فى نوعية التعليم الذى يحصلون عليه ويقلل لديهم فرص التعثر فى التعليم، وأما عن أبناء الطبقات الفقيرة أقل قدرة على مواصلة التعليم الجامعى. ومن هنا تتأكد الفرضية القائلة بأن التعليم لايمنح الطبقة الدنيا فرصا عريضة للصعود إلى أعلى، وتغيير مواقعهم الطبقية. وربما يسهم التعليم فى نقل أعداد قليلة من النابهين والأذكياء من أبناء الطبقة الدنيا، ولكن جلهم يتكوم داخل التعليم الفنى (الذى لا يعد تعليماً!) ومن ثم فإنهم يتخرجون دون اكتساب المهارات التعليمية التى تنقلهم إلى الشرائح الأعلى، يتبين لنا من خلال هذه الدراسة أن التعليم يلعب دورا فاعلا فى عمليات الدمج والتهميش الاجتماعى؛ فالتعليم الذى لا يقوم على تقديم فرص متكافئة أو متساوية لكل المواطنين، أو التعليم الذى تتباين فيه الفرص التعليمية بتباين القدرات المادية للناس ، أو التعليم الذى يمنح فرصا أكبر وتعليما أكفأ لفئات بعينها فى الوقت الذى يحرم منها فئات أخرى ، هو تعليم يشيد آليات للتهميش لقطاعات أعرض من الناس ، بدلا من أن يكون آلية للدمج.


3.اقتصاديات التعليم والتربية المقارنة :

وذلك عند القيام بدراسة ومقارنة تكاليف وعوائد التعليم في دولة معينة مع الدول الأخرى ،اجراء دراسات مقارنة بين مستوى التعليم ومستوى دخل الأفراد بين البلدان المتقدمة والنامية.


مثال/ تحليل منفعة الكلفة للجامعات الأردنية العامة و الخاصة : دراسة مقارنة لحورية حسين (2007):
يهدف هذا البحث التعرف إلى الأثر الاقتصادي للتعليم الجامعي في الأردن، وذلك بتحليل منفعة الكلفة عن طريق إيجاد معدل العائد الداخلي، ولتحقيق ذلك كان لا بد من الإجابة عن السؤال: هل الاستثمار في الجامعات الأردنية مربح أم لا؟ وقد أجيب عنه من خلال الإجابة عن الأسئلة الفرعية الآتية: ما معدل الكلفة الخاصة، والعامة لدراسة الطالب الجامعي في الجامعات العامة؟2/ما معدل الكلفة الخاصة، والعامة لدراسة الطالب الجامعي في الجامعات الخاصة؟3/ما معدل العائد الاقتصادي من دراسة الطالب الجامعي في الجامعات الأردنية العامة والخاصة؟4/ ما معدل العائد الداخلي الخاص، والعام للتعليم الجامعي في الجامعات العامة.5/ما معدل العائد الداخلي الخاص، والعام للتعليم الجامعي في الجامعات الخاصة.وتأتي أهمية هذا البحث من أهمية التعليم العالي بعامة، والتعليم الجامعي بخاصة، لا سيما وأن الأخير يتصل بإعداد القوى البشرية ذات المهارات العلمية، والمعرفية لإحداث التقدم العلمي، والتكنولوجي في المجتمعات، وتزداد هذه الأهمية في الدول النامية، ومنها الأردن من خلال التعرف إلى حجم الإنفاق على التعليم الجامعي، ومحاولة تقدير العائد الاقتصادي منه. وبالتالي فنتائج البحث ستكون مفيدة لكل من: الطلبة الذين سيلتحقون بالجامعات، والمخططين التربويين، والاقتصاديين، وإداريي الجامعات العامة، والخاصة، ومسؤوليها. وأصحاب القرار في الخدمة المدنية.ومجتمع هذا البحث تكون من مجموعتين: شملت الأولى جميع الجامعات الأردنية العامة، والخاصة، وذلك من أجل تقدير الكلفة التعليمية للطالب الجامعي، وشملت الثانية المؤسسات الأردنية الحكومية، والخاصة الموظفة لحملة الشهادة الجامعية الاولى، وذلك من أجل تقدير العائد الاقتصادي للطالب الجامعي. وعينة البحث كذلك تكونت من مجموعتين: شملت الأولى أربع جامعات عامة، وأربع جامعات خاصة، ثم اختيار عدد من الطلبة بنسبة تراوحت بين (5%-10.8%) من إجمالي عدد الطلبة في كل جامعة، وشملت الثانية مجموعة من المؤسسات العامة والخاصة الموظفة لحملة الشهادة الجامعية الأولى.ومن أجل الحصول على البيانات اللازمة لتحليل منفعة الكلفة للطالب الجامعي في الأردن، استخدمت الأدوات والوسائل الآتية: الزيارات الميدانية، والمقابلات الشخصية، واستبانة لتحديد نفقات الجيب، والرسوم الجامعية، وسجلات الخدمة المدنية وأنظمتها، والميزانيات والموازنات في الجامعات، والتقارير الإحصائية، وبرنامج مايكروسوفت (اكسل)، والمعادلات الرياضية ومن أهمها: متوسط النفقات الجارية، والرأسمالية، والكلفة الخاصة، والعامة، ومعدل العائد الداخلي


4.اقتصاديات التعليم والتخطيط التربوي :

وتتضح هذه العلاقة في الدراسات المشتركة التي تجرى بين علماء الاقتصاد وعلماء التربية من أجل تحقيق معدلات نمو اقتصادي أفضل ،فمثلا دراسة العلاقة بين حاجات القطاعات الاقتصادية والإنتاجية من الأيدي العاملة التي يخرجها التعليم كذلك تخطيط المناهج وتطويرها بما يتناسب مع المتطلبات العلمية والتكنولوجية في سوق العمل السيد(2002).


مثال/ مدى ملاءمة مخرجات التعليم العالي لاحتياجات سوق العمل السعودي دراسات تحليلية د.منير العتيبي (2010):
ثل مشكلة البطالة وتوظيف القوى العاملة الوطنية واحدة من أهم القضايا ذات الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بالمملكة. ومن التفسيرات الهامة لأزمة البطالة مشكلة عدم ملاءمة مخرجات التعليم العالي لاحتياجات سوق العمل. وتبرز أهمية دراسة هذه المشكلة من نواحي عدة مثل جدوى الإنفاق والحاجة لترشيد الإنفاق المتزايد على التعليم العالي، وتأصيل أسباب مشكلة البطالة بين الشباب بالمملكة، بالإضافة للتعرف على بعض مؤشرات التعليم العالي بالمملكة بهدف التخطيط المستقبلي علي أسس واقعية تلبي طموحات الدولة والمجتمع من ناحية وحاجات ومتطلبات المشروعات الخاصة من ناحية أخرى. ‏\ تهدف الورقة إلى وصف وتحليل وتشخيص مشكلة عدم المواءمة أو التوافق بين مخرجات التعليم العالي بالمملكة واحتياجات سوق العمل، وفى نفس الإطار تهدف الورقة إلى التعرف على متطلبات قطاع الأعمال من مؤسسات التعليم العالي. ‏\ اتبعت هذه الورقة المنهج الوصفي التحليلي للبيانات والمعلومات التي تم جمعها من كل من الدراسات المكتبية والدراسات الميدانية السابقة وأيضا من الإحصاءات المنشورة، وذلك على النحو التالي: فى المقدمة تم استعراض بعض مؤشرات البطالة وأهمية الدراسة والمنهجية المتبعة بالورقة. فى الجزء الثانى استعراض لأهم الدراسات السابقة لظاهرة عدم المواءمة. ‏وفى الجزء الثالث من الورقة تم التعرض للعديد من الإحصاءات والبيانات والمعلومات المنشورة عن التخصصات المتاحة بالجامعات وأعداد المستجدين والمقيدين والمتخرجين منها طبقاً لمستوى التعليم العالى المتحقق، كما تناول هذا الجزء نتائج عدة زيارات ميدانية ومقابلات شخصية مع ذوي الصلة بالتوظيف بالقطاع الخاص السعودي. ‏أخيراً أفرد الجزء الرابع للنتائج والتوصيات ومن أهمها ضرورة توفير الحوافز للتخصصات التى تقابل احتياجات سوق العمل. وضرورة الاهتمام بالجودة النوعية للطلاب بتخريج كوادر ذات قدرات ومهارات مناسبة. وضرورة إعادة النظر ومشاركة القطاع الخاص فى تحديد المناهج الحالية فى الجامعات.


وقد أضاف الرشدان(2015):
5.بالاشتراك مع اقتصاديات الصحة يشكل موضوع أوسع وهو اقتصاديات الموارد البشرية وقد ذكر أحمد(2016) انه يهدف الى تقدير احتياجات المنشأة من الموارد البشرية من حيث أنواع الوظائف والأعمال المطلوبة واعداد الأفراد والفترة الزمنية الازمة لتنفيذ خطة الموارد البشرية .

مثال/ دور اقتصاديات التعليم و المعرفة في تحقيق التنمية البشرية لدول مجلس التعاون الخليجي ،بان علي المشهداني(2016):
يعد اقتصاديات التعليم جانب مهم في الاقتصاد وتركز على العوامل الآتية (العامل الباقي في النمو الاقتصادي ورأس المـال البشري، نظرية رأس المـال البشـري، العائد في الاستثمار في التعلـيم، وتحليل سوق العمل ومدخل القوى العاملـة)، وأن عملية تطـوير التعليم تعتمد على البنية المعرفيـة، البنية التنظيمية، البنية التكنولوجية، السياق العالمي، حيث إن آلية التحـرك نحـو مجتمـع المعرفـة العربـي تتضـمن محاور العمل فيهـا (التوظيف في خدمة التنمية الإنسانية، توفير البيئات التمكينية، نقل وتوطين المعرفة)، ولقد حققت دول مجلس التعـاون الخليجـي أعلـى معـدل نسـبي للحريـات الاقتصـادية معتمـدة علـى دليل التنافسية العالمي الصـادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ويرتكـز الدليل على المؤشرات الاقتصادية، مجموعة محفزات الكفأة، مجموعة عوامل الابتكار والتطوير، وأخيـرا هنـاك تحديات أساسية تواجه دول مجلس التعاون الخليجي في التحول نحو الاقتصـاد المعرفـي وهـي (فجـوة تقنيـة واسعة تتجسد في ضعف قنوات الإنتاج في دول الخلـيج العربي ماعدا الصناعات البتروكيمياوية)، (وفجوة مخرجات المؤسسات التعليمية وعدم انسجامها مع متطلبات سوق العمل)، (وتدني نسب الإنفاق على البحث العلمي والتطوير في هذه الدول).

إمكانية الاستفادة من اقتصاديات التعليم في الدول العربية :


مما يجدر ذكره ان علم اقتصاديات التعليم نشأ في أحضان دراسات الدول المتقدمة ذات الثراء الكبير المتزايد ومع ذلك كانت أحرص الدول على تطبيق معظم أو كل ماينادي به هذا العلم من استثمار جيد لمواردها التعليميه والحرص على اثراء عوائد التعليم مع العلمية والاعتدال في الانفاق على التعليم دون التضحية بالجودة ودون التقليل من عوائد التعليم ومن هنا فإن سياسة اليابان مثلا في الثمانينيات قامت على أساس التوزيع الكفء للموارد المحددة أكثر من مجرد التوسع في التمويل،ولعل ذلك يستند إلى الفكرة التي ترى أن الاستثمار الناجح يعتمد ليس فقط على كيفية زيادة الموارد المالية ولكن أيضا على حسن توزيعها واستغلالها وهذا ما تسعى اليه الدول حاليا وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية

أما في البلاد العربية فإننا نلاحظ تزايد الاهتمام بهذا العلم ولاسيما بعد تزايد الضغط الطلابي على التعليم بمراحله المختلفة وتنوع مؤسساته وازدياد عدد سنواته والقيام ببعض المحاولات للارتفاع بمستواه وتزايد نفقاته وصار من الضروري جدا تطبيق بعض مبادئه على التعليم في البلاد العربية.الرشدان(2015).


ويمكن استخدام هذا العلم في العديد من المجالات ومن أهمها

1/تحديد أمثل الطرق لاستخدام الموارد التعليمية البشرية والمالية والتكنولوجية والزمنية المناسبة لكل هدف تعليمي أو مجموعة أهداف تعليمية ترغب البلاد في تحقيقها في كل مرحلة على حده بل في أنواع التعليم المختلفة داخل كل مرحلة حسب طبيعة كل دولة وامكانياتها .
2/تحديد تكلفة مراحل وأنواع التعليم المختلفة للمستقبل القريب والبعيد على ضوء مؤشرات الحاضر وطموحات المستقبل وتوقعاته ليسهل تدبيرها وتمويلها

3/دراسة الوضع الأمثل لحصة التعليم في الميزانية العامة لكل دولة بالمقارنة مع حصص وجوه الانفاق الأخرى في الميزانية

4/البحث عن مصادر إضافية لتمويل التعليم بالإضافة الى ميزانية كل دولة وفق ظروفها

5/دراسة كيفية توزيع ميزانية التعليم على مراحله وأنواعه المختلفة وفقا لمجموعة معايير مقبولة مثل أعداد الطلاب في كل مرحلة أو نوع وخصائص المتعلم ومستويات الجودة المنشودة

6/دراسة عوائد التعليم في مراحله وأنواعه المختلفة اخذين عامل التكلفة بعين الاعتبار حتى نتمكن من المقارنة بينها والتركيز على الأنواع الجيدة منها لتوجيه الطلاب وارشادهم لها

7/دراسة الطرائق التي تكفل زيادة كفاءة وانتاجية النظم التعليمية من المنظور الكمي
والكيفي. الرشدان(2015)



وأضافت سمية (2016) عدد من المجالات :
8/القيمة الاقتصادية للتعليم ومدى مساهمة التعليم في زيادة الدخل القومي والدخل الفردي المرتبط بالتعليم والناتج عنه .
9/ مساهمة التعليم في التنمية البشرية المستدامة وتنمية رأس المال البشري والفكري والمساهمة في دفع عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستديمة .
10/تطوير نظم تعليم وتعلم جديدة ببرامج متعددة تعتمد على مصادر تعلم حديثة سواء ارتبطت مع نظام التعليم او امتدت مع الدارسين من المؤسسات التعليمية إلى المنازل وأماكن الترفيه أو استمرت مع المتخرجين الى أماكن العمل وغيرها في ضوء معايير اقتصادية تحقق الفائدة المرجوة والعائد المادي المنشود

11/دراسة علماء اقتصاديات التعليم وما يقدمونه من نظريات وأفكار ومفاهيم وحقائق ومن أساليب ووسائل تمكن من تأصيل علم اقتصاديات التعليم وما يقدمونه بحوث ودراسات اقتصادية حقلية في مختلف مجالات التعليم ونظم التعليم ككل .


الإتجاهات العربية في الإنفاق على التعليم :

يعد التعليم أفضل أنواع الاستثمار وانطلاقا من ذلك قامت الحكومات العربية بإيلاء التعليم أهمية كبيرة ورعاية وعناية فخصصت له ميزانيات مرتفعة نسبيا بالقياس للنشاطات الحكومية المختلفة حيث أصبح ماينفق على التعليم بمختلف مراحله في الدول العربية بالنسبة الى الميزانية العامة للدولة أو بالنسبة للناتج القومي الإجمالي يشكل نسبة من أعلى المعدلات في العالم وفيما يلي يذكر لاشين (2016) عرض لبعض الاتجاهات العربية في الانفاق على التعليم :

المملكة العربية السعودية :

يبلغ متوسط ما تنفقه حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على التعليم ما نسبته 3.3% تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة دون المتوسط العالمي البالغ 4.4% وتتفوق المملكة العربية السعودية على نظيراتها في دول مجلس التعاون الخليجي في الانفاق على التعليم حيث يذهب ما نسبته5.6% من الناتج المحلي الإجمالي إلى القطاع التعليمي السعودي.
ويشير موقع وزارة التعليم (2018):
أنه لتنظيم أعمال الاستثمار واقتصاديات التعليم أنشأت الوزارة إدارة عامة لاقتصادات التعليم عام 1419هـ كنواة للاستثمار والتخصيص لبعض البرامج التعليمية بجانب المهام الأخرى للإدارة، وقد عُدل مسماها في عام 1426هـ إلى الإدارة العامة للاستثمار واقتصاديات التعليم.



شرعت الوزارة في الاستفادة من الاستثمار في التعليم من خلال عدة برامج في المدارس آخذةً في الاعتبار عدم طغيان الجانب المادي على الجانب التربوي ومن هذه البرامج:

1-الاستثمار في المقاصف المدرسية.

2-الاستثمار في موارد المدرسة من خلال تأجير أبنية المدارس غير المستفاد منها حالياً أو تأجير أجزاء منها.

3-الاستثمار في الإعلان التربوي داخل المدارس.

4-الاستثمار في بيع التوالف الورقية في المدارس.

5-الاستثمار في طباعة المفكرات المدرسية. وبناء على الأرقام في السنوات الثلاث الأخيرة يمكن اكتشاف أن المملكة تعتبر ثاني أكبر مستثمر في قطاع التعليم بعد الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة أن نسبة انفاقها على التعليم تفوق مستوياته في كثير من الدول الصناعية الكبرى مثل المملكة المتحدة وهولندا والتي وصل الانفاق فيها على التعليم إلى معدلات 6.2% و 5.9% و 5.7% على التوالي حسب احدث إحصاءات متاحة وتعد المملكة العربية السعودية من الدول القليلة التي تأخذ منحى الدول المتقدمة في الانفاق على التعليم.


ووفقاً للمسح الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء على قطاع التعليم والتدريب لعام 2017م أكدت فيه أن إنفاق الاسر السعودية بلغ 21.8 مليار ريال على التعليم والتدريب، بينها 7.64 مليار ريال على الرسوم الدراسية، منها 3.19 مليارات بالرياض و1.97مليار بمنطقة مكة المكرمة و1.4 مليار ريال في المنطقة الشرقية.

وأوضحت الهيئة في المسح أن الإنفاق على الأدوات المدرسية بلغ 4.895 مليارا. فحجم الانفاق عليها في الرياض 1102.9مليار ومنطقة مكة المكرمة 1068.3مليار والمدينة المنورة 544.6 مليون ريال والمنطقة الشرقية 673.8 ملايين.

بينما بلغ الإنفاق على الدروس الخصوصية 752.6 مليوناً. 259.6مليوناً في الرياض و155.7مليوناً في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة 60 مليون ريال والمنطقة الشرقية 107.9 ملايين.

كما بلغ الانفاق على النقل المدرسي 1.84مليار ريال بينها 408 ملايين بالرياض و393.2مليوناً بمنطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة 173.9ملايين، والمنطقة الشرقية 356.3ملايين.


دولة الإمارات العربية المتحدة :

تخصص حكومة دولة الإمارات كميات ضخمة من الموارد لتطوير التعليم على المستويات كافة حيث تقوم بمراجعة ميزانية التعليم باستمرار وتتم زيادتها للوفاء بالطلب المتزايد دائما على توفير التعليم الجيد بالدولة فقد استحوذ التعليم بشقيه الأساسي والجامعي على ما قيمته 9.9 مليار درهم أو ما نسبته 22.2% من إجمالي الإنفاق من ميزانية الدولة لعام 2013 حيث بلغت حصة التعليم الأساسي 6مليارات درهم وهو ما يشكل نسبة تبلغ 8.7% من إجمالي مصروفات ميزانية دولة الإمارات.

دولة الكويت :

يعد التعليم من أهم المجالات التي ترعاها الكويت حيث بلغت اعتمادات الوزارة المخصصة للتعليم أكثر من 1.7 مليار دينار في عام 2013/2014 بنسبة حوالي 9.5في المئة من اجمالي الانفاق الحكومي وقد تحيز الانفاق الحكومي المرتفع على التعليم الحكومي للانفاق على الرواتب والأجور مع ضعف الإنفاق على الأنشطة الأخرى المكملة للتعليم مثل تطوير الكتب والمناهج وتطوير أساليب التدريس وتطوير المعلم والوسائل التعليمية وتحسين مناخ التعليم والأنشطة المدرسية وخاصة الا صفية وتحسين مناخها .




جمهورية مصر العربية :

يبلغ الإنفاق على خدمات التعليم في جمهورية مصر العربية حوالي 94.4 مليار جنيه 12%من اجمالي الانفاق أما التعليم قبل الجامعي يحصل على 72% من اجمالي الانفاق على القطاع بينما تصل الأجور ومرتبات العاملين نحو 85%من جملة نفقات القطاع واجمال عدد الطلاب المستفيدين من خدمات التعليم بمراحله كلها 19 مليون طالب حيث 18 مليون طالب في التعليم قبل الجامعي يدرسون في 52.402 مدرسة ومليون طالب في التعليم الجامعي في 23 جامعة .
يتضح بشكل عام أن كثير من الدول العربية لا يتجاوز الانفاق على التعليم فيها نسبة 2.5%فقط من الناتج المحلي الإجمالي في حين نجد الولايات المتحدة الامريكية التي تؤوي 4% فقط من عدد الصغار والنشء في العالم تنفق نسبة تناهز 6% من الناتج المحلي الإجمالي بل إنها تنفق مايناهز 28%من الميزانية العالمية للتعليم عموما .




وفي ضوء ماسبق يذكر لاشين(2016) بأنه يمكن استخلاص بعض الاتجاهات العربية في مجال اقتصاديات التعليم:
- خصخصة بعض الخدمات التربوية العامة :
تقوم بعض أفكار ترشيد الانفاق في مجال التعليم على زيادة أعداد المدارس الخاصة مع تقليل أعداد المدارس الحكومية ثم التمهيد لنقل ملكية المؤسسات التعليمية الى القطاع الخاص وتستخدم عدة إجراءات في نقل الخدمات التعليمية الى القطاع الخاص حيث تحرص الحكومات على منح سندات دعم تعليمية لأولئك الطلاب غير القادرين على دفع مصاريف التعليم .
- التوجه نحو خصخصة بعض الخدمات التعليمية على المستوى المدرسي :
فبدلا من تشجيع أولياء الأمور من خلال منحهم سندات تعليمية ومن ثم يصبحون كمستهلكي تعليم يجب تشجيع هؤلاء على أن يصبحوا صانعي قرارات من خلال جهود مشتركة لمصلحة المدارس عامة مثل إعادة هيكلة المدرسة والتحرك نحو منهج أكثر تكاملا وتطوير المبنى المدرسي والخدمات الاجتماعية المطلوبة في المدرسة .
- تحويل المدارس الى وحدات إنتاجية مدرة للدخل:
وهناك العديد من المشروعات تندرج تحت هذا التوجه منها إنشاء المدرسة بالتعاون مع التنظيمات الاجتماعية والمهنية أو مركزا للتدريب و الاتفاق مع مصانع الأغذيهلتغليف وتعليب منتجاته وإبرام اتفاق مع أحد المصانع في البيئة لتزويد المدرسة بحاجتها من الوسائل التعليمية الاستهلاكية .
-مشروع الإعلانات التجارية داخل هذه الوحدات الإنتاجية :
ومع سياق البيئة المدرسية وحاجاتها حيث تخصص كل مدرسة غرفة يتاح فيها الإعلان بمردود مالي مرتفع عن الانترنت والكمبيوتر وأقمشة التفصيل وأدوات التفصيل والحياكة والعصائر والالبان وغيرها وتتفق المدرسة مع الشركات العاملة في مجال الإعلانات أو مع النقابات المختصة لادارة المشروع
-خصخصة بعض الخدمات التعليمية الأخرى في مجال صيانة الأبنية المدرسية :
ومتابعة الأبنية بصفة دورية للحفاظ على جودتها أطول فترة ممكنة فيترك لأطراف الشراكة المجتمعية مهام صيانة السباكة والكهرباء والنجارة بالأبنية الحكومية نظير نفقات رمزية تدفع دوريا على هذه الأطراف

-التوجه نحو الشراكة المجتمعية:
عن طريق مشاركة المجتمع بكافة أفراده وتنظيماته في الإنفاق على التعليم في المدارس فالمؤسسة التعليمية ينظر اليها في ضوء هذا الفكر على أنها شركة بحيث يكون تمويل التعليم في المدارس مسئولية جماعية إدارة وتنظيم وانفاق للميزانيات المخصصة لهذه المدارس .


التحديات التي تواجه الدول العربية في اقتصاديات التعليم :

- ان الدول وخاصة النامية قد وصلت الى السقف في الانفاق على التعليم ولا يمكن بأي حال زيادة المخصصات لهذا القطاع من الموازنات العامة للدولة

- ان ضخامة المطالب الاجتماعية وتراكم الأعباء المجتمعية أضافت الى ميزانيات الدول العربية أعباء إضافية وهذه تتطلب اعتمادات مالية هائلة ويتطلب توفير مصادر تمويلية جديدة وغير تقليدية حتى يمكن توفير متطلبات التعليم الجيد الذي يعتمد على التكنولوجيا الحديثة

- فلسفة التعليم في الوطن العربي التي تقوم على المركزية جعلت الناس يعتمدون على الحكومة في كل شيء يتعلق في التعليم وقد ترتب على هذا الأمر ظهور السلبية والاتكالية ولهذا فان الملاحظ لميزانية التعليم في بلاد الوطن العربي يجد أن معظم مصادرها حكومية الأمر الذي ترتب عليه ضعف الانفاق التعليمي على الطلاب في جميع المراحل التعليمية

- إشكالية الهدر في الانفاق التعليمي وهي من الإشكاليات التي تهدد النظام التعليمي ككل ويتمثل الهدر في جوانب عديدة منها ما يتعلق بالإنفاقات السخية على برامج تدريب المعلمين وتنمية مهاراتهم دون عائد ملموس في هذا المجال سوى محاضرات ومقابلات تبدأ وتنتهي دون إحداث الفعاليات المهنية المرجوة كعائد من برامج تحسين التعليم المشهداني(2014).


اخر ما نشر عن موضوع البحث :
العنوان :في اقتصاديات التعليم الأسر السعودية تنفق حوالي 21.8مليار ريال على التعليم والتدريب سنويا
الناشر:موقع وزارة التربية والتعليم

تاريخ النشر :9/7/2018



النظام التعليمي لا يعمل في عزلة أو انفصام عن نظم المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإنما يعمل في تفاهم وانسجام مع هذه النظم، يؤثر فيها ويتأثر بها يقدم لها خدماته ويفيد من خدماتها بمعنى أنها تعمل جميعاً في منظومة شاملة واحدة.

تغيرت النظرة إلى التعليم من كونه قطاع خدماتي إلى مفهوم أعم وأشمل من ذلك إذ ترتكز عليه عملية التنمية البشرية التي هي الهدف الأسمى والغاية المنشودة، وبدأت النظرة إلى الانفاق على التعليم تتغير تدريجياً وبدأ مفهوم رأس المال البشري في الشيوع بين علماء الاقتصاد المهتمين بالتربية، وكيف أن للتعليم دور كبيراً في المساهمة بالتنمية الاقتصادية، من أجل ذلك جاءت اقتصاديات التعليم كمنتج اقتصادي تعد له الدراسات وتبنى عليه الخطط التعليمية, فقد أجمعت فيه البحوث والدراسات خاصة في مجال اقتصاديات التعليم إلى أهمية التعليم كرأسمال بشري يفوق أضعاف رأس المال المادي التقليدي وتشير نتائج هذه الدراسات إلى ارتفاع العائد من التعليم وأن للتعليم دوراً بارزاً في النمو الاقتصادي.
وأن الاستثمار في رأس المال البشري يشبه تماماً الاستثمار في رأس المال المادي من حيث الأهمية إذ أن لتطوير رأس المال البشري انعكاسات هامة على النمو الاقتصادي، حيث أن هذه العلاقة ذات اتجاهين وأن التعليم والنمو الاقتصادي يدعم كل منهما الاخر. فمن ناحية يستطيع الاقتصاد النامي زيادة تخصيص الموارد لتطوير التعليم والصحة وغيرهما، ويساهم الاستثمار في المورد الإنساني في سرعة عملية النمو الاقتصادي من الناحية الأخرى.

تطور ميزانيات التعليم:

ولقد تنبهت المملكة العربية السعودية لهذ الأمر باكراً، إذ أن المتتبع لتطور ميزانية التعليم في المملكة يستطيع أن يلحظ أن هذه الميزانية تطورت من 514مليون ريال عام 1386هـ إلى 192مليار ريال. وأن المبالغ التي خصصت لتغطية نفقات التعليم في السعودية تمثل 5.7% من إجمالي الناتج المحلي في حين تشكل نفقات التعليم ببريطانيا 5.3 % وفي ألمانيا 4.3 % وفي كوريا الجنوبية 4.2 %.

وتعتبر ميزانية المملكة لعام 2018 هي الأضخم في تاريخ المملكة من حيث الإنفاق حظيت العديد من

القطاعات التنموية بمخصصات مالية أكبر في الميزانية السعودية 2018 لتتواكب مع تحقيق رؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني، حيث جاء قطاع التعليم في المركز الثاني بمخصصات بلغت 192 مليار ريال.

واحتوت رؤية المملكة 2030 على عدد من الأهداف الاستراتيجية، والمستهدفات، ومؤشرات لقياس النتائج، والتي من ضمنها تسريع التحول من اقتصاد قائم على النفط، إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وهذا ما دعا المملكة العربية السعودية إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العام لبناء مجتمع المعرفة، وقد وضعت الاستراتيجية رفع مستوى تحصيل المتعلم أهم أولوياتها، من خلال نظام تعليمي عالي الجودة، وتطوير المؤسسات التعليمية ومساندتها وذلك لبناء مجتمع معرفي متكامل وأداته التنمية.










اقتصاديات التعليم:

علم اقتصاديات التعليم مجال حديث النشأة، وكانت بدايته الحقيقة عقب الحرب العالمية الثانية، ويعد اليوم من أحدث العلوم التربوية، ولا يقتصر هذا العلم على دراسة المشكلات مثل كلفة المدارس وتمويلها بل يعالج مجالات أخرى كثيرة منها تأثير التربية والتعليم على بعض المظاهر مثل الهيكل الوظيفي للقوى العاملة وعلى توقعات النمو الاقتصادي في المستقبل والاستخدام الأمثل للموارد التعليمية وتكلفة التعليم وتمويله، واقتصاديات الجودة التربوية.

وقد عرف علم أقتصاديات التعليم "بأنه دراسة كيفية اختيار المجتمع وأفراده استخدام الموارد الإنتاجية لإنتاج مختلف أنواع التدريب وتنمية الشخصية من خلال المعرفة والمهارات وغيرها اعتماداً على التعليم خلال فترة زمنية محددة وكيفية توزيعها بين الأفراد والمجموعات في الحاضر والمستقبل" ، أي أن أقتصاديات التعليم تهتم بالعمليات التي يتم بها إنتاج التعليم وتوزيعه بين الافراد والمجموعات ، وتحديد حجم الانفاق على التعليم سواء من الأفراد أو المجتمع وعلى طرق اختيار أنواع التعليم ، وناتجها وكفايتها الكمية والكيفية.

ويمكن حصر مجالات أقتصاديات التعليم في " التعليم والنمو الاقتصادي، تكلفة التعليم، تمويل التعليم، الفوائد من التعليم، الكفاءة الإنتاجية للتعليم، امكانات الاستفادة من اقتصاديات التعليم، المؤشرات التربوية"


كلفة الطالب التعليمية:

تعتبر كلفة الطالب التعليمية هي أهم ما تحرص عليه اقتصاديات التعليم، فقد كشفت نتائج عدد من الدراسات العالمية أن نصيب الطالب من الانفاق يميل إلى الزيادة من سنة إلى أخرى في كل الأنظمة التعليمية تقريباً سواء التي نجحت في تحسين جودة نظام التعليم فيها أو ما ظهر فيها عكس ذلك.

وعلى الرغم مما أكدته الإحصائيات العالمية في زيادة نصيب الطالب من الأنفاق العام سنوياً في كل الدول تقريباً إلى أن نتائج الدراسات العربية تؤكد أنه على الرغم من الجهود الحكومية العربية الملموسة في الزيادة السنوية لنصيب الطالب من الإنفاق العام، فإن ما ينفق على التعليم مازال قليلاً بالقياس إلى الزيادة الهائلة في معدل المدرجين سنوياً بالمستويات الثلاث.

تبين إحصاءات تكلفة التلميذ أن هناك فروقاً واضحة بين التكلفة في التعليم الجامعي والتكلفة في التعليم العام. ففي الدول النامية تزيد تكلفة تلميذ الجامعة 26مرة عن تكلفة تلميذ الابتدائي، أما تلميذ المرحلة الثانوية فيتكلف 3 مرات ما يتكفله تلميذ المرحلة الابتدائية.

وفي الدول المتقدمة تشير إحصاءات تكلفة التعليم إلى أن تلميذ الجامعة يكلف 2.5 مرة ما يكلفه تلميذ المرحلة الابتدائية، وهذا يعني استنتاجاً أن الموارد المالية المخصصة للتعليم في الدول النامية يوجه غالبيتها إلى مرحلة التعليم الجامعي بينما لا يخص التعليم الابتدائي إلا بالقليل على الرغم من أهميته للتنمية وعلى العكس من ذلك في الدول المتقدمة الصناعية.

وتعزى أسباب الزيادة في تكلفة التعليم إلى الزيادة السكانية ولاسيما الناتجة عن زيادة عدد المواليد, ومحاولات معظم دول العالم إطالة عدد سنوات التعليم الإلزامي المجاني ليتعدى المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية وربما الثانوية ، كذلك الاهتمام بعوامل الجودة في التعليم مثل "رفع مستوى إعداد المعلم وتدريبه أثناء الخدمة وتطوير المناهج وتقليل كثافة الفصول وإطالة اليوم الدراسي والعام الدراسي والاهتمام بالمباني المدرسية " ومن أسباب زيادة المصروفات على التعليم الاهتمام بالدراسات التطبيقية والتكنولوجية في مرحلتي التعليم الثانوي والعالي والتوسع الكمي والكيفي في التعليم العالي الذي يعد أكثر مراحل التعليم تكلفة, لذا أصبح موضوح حفض التكلفة أو استثمارها في التعليم موضوعاً لا ينضب للعديد من الأبحاث والدراسات, لذا اهتمت الوزارة ببرنامج الخصخصة لتستطيع من خلاله تحقيق المعادلة الاقتصادية التنموية بما يعود للوسط التعليمي والميدان بالخير الكثير.

اهتمام الوزارة بها:

ولتنظيم أعمال الاستثمار واقتصاديات التعليم أنشأت الوزارة إدارة عامة لاقتصادات التعليم عام 1419هـ كنواة للاستثمار والتخصيص لبعض البرامج التعليمية بجانب المهام الأخرى للإدارة، وقد عُدل مسماها في عام 1426هـ إلى الإدارة العامة للاستثمار واقتصاديات التعليم.

شرعت الوزارة في الاستفادة من الاستثمار في التعليم من خلال عدة برامج في المدارس آخذةً في الاعتبار عدم طغيان الجانب المادي على الجانب التربوي ومن هذه البرامج:

1- الاستثمار في المقاصف المدرسية.

2- الاستثمار في موارد المدرسة من خلال تأجير أبنية المدارس غير المستفاد منها حالياً أو تأجير أجزاء منها.

3- الاستثمار في الإعلان التربوي داخل المدارس.

4- الاستثمار في بيع التوالف الورقية في المدارس.

5- الاستثمار في طباعة المفكرات المدرسية.

الانفاق المجتمعي على التعليم:

ووفقاً للمسح الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء على قطاع التعليم والتدريب لعام 2017م أكدت فيه أن إنفاق الاسر السعودية بلغ 21.8 مليار ريال على التعليم والتدريب، بينها 7.64 مليار ريال على الرسوم الدراسية، منها 3.19 مليارات بالرياض و1.97مليار بمنطقة مكة المكرمة و1.4 مليار ريال في المنطقة الشرقية.

وأوضحت الهيئة في المسح أن الإنفاق على الأدوات المدرسية بلغ 4.895 مليارا. فحجم الانفاق عليها في الرياض 1102.9مليار ومنطقة مكة المكرمة 1068.3مليار والمدينة المنورة 544.6 مليون ريال والمنطقة الشرقية 673.8 ملايين.

بينما بلغ الإنفاق على الدروس الخصوصية 752.6 مليوناً. 259.6مليوناً في الرياض و155.7مليوناً في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة 60 مليون ريال والمنطقة الشرقية 107.9 ملايين.

كما بلغ الانفاق على النقل المدرسي 1.84مليار ريال بينها 408 ملايين بالرياض و393.2مليوناً بمنطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة 173.9ملايين، والمنطقة الشرقية 356.3ملايين.


المراجع:


المالكي، عبدالله (2013):بدائل تمويل التعليم العالي الحكومي في المملكة العربية السعودية .الرياض
-المشهداني،بان علي(2014)دور اقتصاديات التعليم والمعرفة في تحقيق التنمية البشرية لدول مجلس التعاون.العراق
 زايد،أحمد (2013):التعليم والطبقة في مصر ،القاهره.
العتيبي ، منير (2010):مدى ملاءمة مخرجات التعليم العالي لاحتياجات سوق العمل السعودي دراسات تحليلية ،الرياض
حسين ،حورية (2007):تحليل منفعة الكلفة للجامعات الأردنية العامة و الخاصة : دراسة مقارنة ،الأردنسمية،صلعة،(2016)اقتصاديات التعليم في الجزائر دراسة قياسية,الجزائر
لاشين،محمد عبدالحميد (2016)،اتجاهات عالمية في اقتصاديات الانفاق على التعليم وإمكانية الإفادة منها،مصر
أحمد،علي يعقوب(2016)اقتصاديات تنمية الموارد البشرية ورفع كفاءة المنشأة ،الخرطوم
الرشدان،عبدالله زاهي.(2015)في اقتصاديات التعليم.الأردن.الطبعة الثالثة
السيد،عباس محمود(2002)دور التربية في اقتصاديات التعليم ومواجهة تحديات المستقبل ، قطر    file:///C:/Users/J/Downloads/6168-000-000-007.pdf
وزارة التعليم (2018) في اقتصاديات التعليم الأسر السعودية تنفق حوالي 21.8مليار ريال على التعليم والتدريب سنويا https://www.moe.gov.sa/ar/news/Pages/in-t-m.aspx



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق