الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

مدخل الى اقتصاديات التعليم

مدخل الى اقتصاديات التعليم 



متطلب لمقرر اقتصاديات التعليم

إعداد:
مدى مصلح سيف التمـيمي
فدى عبدالكريم عبدالمحسن المنصور

إشراف:
د.هند الأحمد

العام الجامعي :
1439-1440ه



المبحث الأول

الفهرس:

المقدمة
أولا:نشأة علم اقتصاديات التعليم
ثانيا:مراحل تطور علم اقتصاديات التعليم
ثالثا:اقتصاديات التعليم في المملكة
رابعا:مفهوم اقتصاديات التعليم
احدث ما كتب في اقتصاديات التعليم خامسا:
- تقرير نشرته وزارة التعليم السعودية
- كتاب العائد من الاستثمار في التعليم


المقدمة:

للتعليم جانب اقتصادي لا يقل أهمية عن الجانب العلمي، يتمثل في حاجة المؤسسات التعلمية وحاجة المتعلمين للجانب المادي ولا غنى للمجتمع عن المخرجات التعليمية ذات الجودة والكفاءة (كامل، 2007م).
ومن هنا جاءت الحاجة لاقتصاديات التعليم؛ العلم الذي ينظر للتعليم من خلال منظور اقتصادي، فهو يسعى للتعليم مع تحقيق الاهداف الاقتصادية. ويهتم بتحليل العائد المادي من التعليم وفق التكلفة والإنتاجية، بمعنى قياس المخرجات في ضوء المدخلات.
فما هو مفهوم اقتصاديات التعليم؟ وماهي نشأته ومراحل تطوره؟


أولا:
نشأة علم اقتصاديات التعليم:
قد كان للتعليم والتعلم دورا بارزا في تطوير عمل الانسان والتأثير على نتائج عمله وبالتالي التأثير على الناحية الاقتصادية لأي دولة، لكن لم يتم الاعتراف بكون هذه العلاقة ذات تأثير مباشر وتبادلي، فكان ينظر للتعليم بمعزل عن الناحية الاقتصادية، وبدأ الاهتمام بهذه العلاقة شيئا فشيء لكن لم يتم الاعتراف بها كعلم وبحثها بشكل دقيق دفعه واحدة فقد مر الاهتمام بعلاقة التعليم بالاقتصاد بمراحل متطورة أدت إلى التوصل أخيرا لهذا العلم في الستينات من القرن الماضي.
على يد علماء الاقتصاد الذين اهتموا بتأثير التعليم على النمو الاقتصادي، مما انتج ما يعرف بعلم اقتصاديات التعليم الذي يمكننا اعتباره من العلوم القديمة (اللواتي،2010).


علم اقتصاديات التعليم: تطور مراحل


أختلف الكتاب في تقسيمهم لمراحل تطور علم اقتصاديات التعليم، فيقسمها بو طيبه في كتابه الى مرحلتين، كما يلي:


المرحلة الأولى: المرحلة التمهيدية لعلم اقتصاديات التعليم:
تتميز هذه الفترة بأمرين أساسيين، وهما بداية الإقرار بالأهمية الاقتصادية للتعليم والامر الآخر هو وجود المحاولات الجادة لاستخدام ادوات القياس لإبراز أثر التعليم على الاقتصاد.
فبداية هذه المرحلة من صدور كتاب "ثروة الأمم" عام 1776م للعالم آدم سميث، الذي يعد من أوائل العلماء الذين تطرقوا للأهمية الاقتصادية للتعليم في هذه المرحلة، وكانت نظرته للتعليم من منظور اجتماعي اقتصادي بحكم مجاله، فهو يشبه العالم المتعلم بالآلة المتطورة التي تسهل العمل وتختزل الجهد والوقت، ويرى أن الدول مسؤولة أخلاقيا عن ضمان حق الفرد في التعليم، وأن وجود التنافس في المؤسسات التعليمية يضمن ارفاع الجودة والكفاءة المقدمة. وكان العالم ديفيد هيوم في ذات الوقت متفقا مع العالم آدم سميث إلى الحاجة للتمويل الشخصي للتعليم والتخلص من احتكار الكنائس للتعليم. ويتفق أيضا العالم جون ستوارت ميل، مع العالم آدم سميث في أن قوة العمل أساس للثروة لكنه يختلف معه في اخضاع التعليم بشكل كامل للقطاع الخاص ( بوطيبة، 2016، ص9-10).
أما العالم روبر مالتوس، فيرى أن التعليم عامل غير مباشر من العوامل المؤثرة على الاقتصاد، فالتعليم أسلوب ناجح لغرس القيم كقيمة تحديد النسل، التي تؤدي لتحقيق الرفاهية للمجتمع ( فلية، 2003م، 25).
ويخالفه العالم ماك كولوك، الذي قدر من أهمية التعليم وأن مهارة القوى العاملة ومستوى ثقافتهم جزء لا يتجزأ من رأس المال القومي.
ويعد العالم آرا ألفرد مارشال نقطة تحول في مجال دراسة القيمة الاقتصادية للتعليم، فنقلت آراؤه التعليم من كونه عاملا خارجا في النمو الاقتصادي إلى كونه عامل من العوامل المباشرة.
ففي بداية القرن العشرين، بدأت المحاولات لتحديد القيمة النقدية لمختلف المراحل التعليمية، وتمكن العالم والتش في عام 1935م من تقدير أرباح وتكاليف الاستثمار في التعليم عن طريق دراسة لعلاقة التعليم بالدخل.
وفي عام 1956م قدم روبر سولو نظريته في النمو الاقتصادي من خلال دراسته لنمو الإنتاج الزراعي الأمريكي و دراسته لأسباب تضاعف إنتاجية الفرد في الساعة. وفي الدراستين كان التعليم سببا مؤثرا.
وفي عام 1959م، قام اوكروست بعمل دراسة في النرويج عن عوامل زيادة الإنتاج، ونوصل إلى أن الزيادة في رأس المال وكمية العمل تؤدي إلى زيادة الإنتاجية، بينما تحسين أداء العمال يودي إلى زيادة الإنتاجية بشكل اكبر(بوطيبة، 2016، ص11-13).


المرحلة الثانية: مرحلة ميلاد وتطور علم اقتصاديات التعليم:
يؤرخ بلوغ لبداية علم اقتصاد التعليم بتاريخ 1960م، بعد خطاب تيودور شولتز بمناسبة توليه رئاسة الجمعية الاقتصادية الأمريكية، الذي ركز فيه على تأثير الرأسمال البشري في التنمية الاقتصادية.
ومنذ ذلك الحين أنصب اهتمام علماء الاقتصاد أمثال، تيودور شولنز وجاري بيكر على تطوير نظرية رأس المال البشري. وظهر العديد من الانتقادات لهذه النظرية وتبع ذلك نظريات متعددة، مثل نظرية الاشارة للاقتصادي سبنس التي ترى أن صاحب العمل لا يستطيع تحديد مستوى الإنتاجية المتوقع للفرد الذي سيقوم بتوظيفه، فيعتمد على ما يسمى بالمؤشرات التي تساعده على تحديد مستوى الإنتاجية مثل العمر والجنس والتعليم احد هذه المؤشرات، فيعطى الفرد أجرا على التعليم لأنه يعطي دلاله على مستوى الإنتاجية المتوقع ( بوطيبة، 2016، ص14-17).
أما نظرية المصفاة لكنيث آروو التي ترى أن التعليم ليس له أثر مباشر على الإنتاجية لكنه يوحي بقدرة الفرد على أن يكون فعالا في عمله. فصاحب العمل يقوم بالدفع للموظف ذو التعليم العالي بشكل أكبر لأن الفرد ذو التعليم العالي يمتلك مهارات عالية تساعده على الإنتاجية بشكل عالي، فيكون التعليم بمثابة المصفاة للأفراد في سوق العمل(عبدالقادر،2001م، ص12).
وظهرت أيضا نظرية أسواق العمل المجزأة التي ترى انه لا يوجد رابط مباشر بين المقدرات الإنتاجية للعمال ومستوى الاجور، بل ترجع ذلك لعوامل التنظيم الصناعي والظروف السائدة في سوق العمل. وتوسع البحث في النمو الاقتصادي من منظور كلي.
وفي بداية النصف الثاني من الثمانينيات ظهرت نظرية النمو الداخلي، وتتميز هذه الفترة بزياده اهتمام العلماء بالأسباب الغير مباشرة التأثير على الاقتصاد على المستوى الفردي والاجتماعي، وتوسع الباحثين في دراسة القضايا الاقتصادية وعلاقتها بالتعليم، كالفقر، والجودة، والتمويل، والكلفة ( بوطيبة، 2016، ص18-19).
بينما الرشدان يرى أن مراحل تطور علم اقتصاديات التعليم ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: بداية الاهتمام (القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين):
لم تنل العلاقات المتبادلة بين النشاطات الاقتصادية النشاطات التعليمة اهتمام المربين فقد كان جُل اهتمامهم على الجوانب الإنسانية والقيمية والنفسية للتعليم، وأول من نبه على هذه العلاقة هو المربي السويسري بستالوتزي، الذي حاول الربط بين النشاط التعليمي والنشاط الإنتاجي في العملية التعليمية دون أن يخرج بتعميمات. فتوجه علماء الاقتصاد لدراسة هذا الجانب، ومن أهم الموضوعات التي جذبت الاقتصاديين هي الموضوعات التي تخص عوامل الإنتاج ومهارات العاملين نتيجة التعليم، ولاحظ العلماء ان النشاطات التعليمية توظف عدد لا يستهان به من الأقوى العاملة مستهلكة جزء كبير من رأس المال.
ويعد الفيلسوف الاجتماعي والاقتصادي آدم سميث، من أوائل العلماء الذين تطرقوا للأهمية الاقتصادية للتعليم، فكان يدعو إلى رفع كفاءة المؤسسات التعليمية وفاعليتها كون التعليم حق للفرد لابد أن توفره له الدولة، لسببين أساسيين الأول محاولته لترسيخ مبدأ المنافسة. والآخر محاولته لإضعاف التعصب الديني. وتبعه الفيلسوف الهولندي ديفيد هيوم المتفق معه في الحاجة للتمويل الشخصي للتعليم والتخلص من احتكار الكنائس للتعليم.
وقام عالم الاقتصاد دافيد ريكاردو بمحاولة تحديد دور التعليم في زيادة الرفاهية الاقتصادية للمجتمع من خال تقييد النمو السكاني، من خلال توعية افراد المجتمع بضرورة تحديد النسل عن طريق التعليم. وأتفق معه العالم روبر مالتوس. ويتفق الاقتصادي جون ستوزت ميل، مع مالوتوس وريكارد في أن التعليم وسيلة لغرس القيم المؤثرة في النظام الاقتصادي، وأتفق أيضا مع آدم سميث في أن قوة العمل أساس للثروة، مؤكدا على أهمية تمويل التعليم سواء من الدولة أو من أوليا الأمور.
اما ماك كولوك، فقد قدر من أهمية التعليم وأن مهارة القوى العاملة ومستوى ثقافتهم جزء لا يتجزأ من رأس المال القومي في حين يرى ريكارد أن تراكم رأس المال القومي يحدد بتراكم النفط فقط.
ويعد آرا ألفرد مارشال نقطة تحول في مجال المعالجات الاقتصادية في التعليم، فهو بمثابة نقطة الوصل بين الاقتصاديين الأوائل واقتصادي القرن العشرين.
فنقلت آراؤه التعليم من كونه عاملا خارجا في النمو الاقتصادي إلى كونه عامل من العوامل المباشرة، مؤكدا على الأدوار الوظائف الاقتصادية والاجتماعية للتعليم.


ويمكننا تحديد أبرز معالم المرحلة الأولى بالنقاط التالية:
1. تتصف المحاولات والدراسات في هذه المرحلة بصفة العمومية واعتماد المنهج التأملي والفلسفي، ولم تستخدم الدراسات التجريبية.
2. عدم اكتمال المعالجات الاقتصادية للمسائل الاقتصادية في التعليم، فهي مقتصره على بعض جوانب العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي.
3. يغلب الطابع الاقتصادي على المعالجات الاقتصادية للمسائل الاقتصادية في التعليم.
4. عدم وجود المعالجات الإحصائية في دراسة العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي، مما أدى إلى اقتصار الاحكام على الجوانب التي تحقق التقديرات الاقتصادية الكمية.


المرحلة الثانية :
تشتمل هذه المرحلة على الاهتمام في الموضوعات الاقتصادية بالتعليم خلال القرن العشرين، ونمو حركة البحث العلمي في هذا المجال بسبب العوامل التالية:
1.التوجه نحو دراسة المسائل الاقتصادية في التعليم بصورة تطبيقية نتيجة تراكم الخبرات النظرية في القرنين الماضية فاتسمت الدراسات بالجانب التطبيقي الميداني وتناولها لميادين شمول واتساع أكثر.
2. ظهور الاساليب والادوات البحثية التي ساعدت الباحثين الاقتصاديين في الكشف عن نتائج تفصيلية ودقيقة نتيجة التطور الذي حصل في مجالات دراسة الاقتصاد.
3. نمو الدراسات الخاصة بالموضوعات الاقتصادية في التعليم بعد الحربين العالمية الأولى والثانية، بسبب زيادة الاهتمام بالتخطيط الاقتصادي.
4. ظهور التعليم كنشاط يستهلك حجما كبيرا من القوى العاملة في المجتمع، ولأن التعليم يوظف القوى العاملة ذات المهارات العالية على حساب التوظيف في القطاعات الانتاجية، ولتجميد فئة من الموارد البشرية المتمثلة في الطلبة وهذا ما ادى إلى اهتمام الاقتصاديين والتربويين على حد سواء.
5. تزايد حجم الانفاق على التعليم من قبل الاهالي او المؤسسات التعليمة زاد من اهتمام الاقتصاديين بدراسة هذا المجال.
6. انتشار حركة البحث العلمي في القرن العشرين.


وقد تميزت دراسات هذه الفترة بالخصائص التالية:
* اهتمامها بالمعالجات التطبيقية والميدانية لتوكيد العلاقة بين النشاطات التعليمة والنشاطات الاقتصادية.
* التوجه للمعالجات التفصيلية في المجالات المتنوعة والمحددة من جوانب النشاطات التعليمة رغبة في التوصل لنتائج محددة ولتحقيق التكامل.
* نشاطات التربويين المتزايدة في المجالات الاقتصادية التعليمة.
* اعتماد الدراسات الاقتصادية في التعليم على ادوات واساليب البحث المتطورة.
* نتائج البحوث التي تم إجرائها كانت موضع تشكيك نتيجة لابتعادها عن واقع وخاصية النشاطات التربوية.


المرحلة الثالثة :
شهدت هذه الفترة ركود نسبي في مجال الدراسات الاقتصادية في التعليم، لكون الدراسات كانت لرغبة البلدان المختلفة لمعرفة العلاقات المتبادلة رغبة في تحقيق التنمية الشاملة فكان اعتماد الباحثين على معايير ونماذج مشتقة من الناحية الانتاجية دون تكييفها مع الطبيعية التربوية.

  مفهوم اقتصاديات التعليم:
يحتوي المصطلح على شقين، الشق الأول هو الاقتصاد والآخر هو التعليم، فالاقتصاد باللغة هو: مصدر اقتصد، ويأتي بمعنى الادخار وعدم التبذير، والاقتصاد هو مظاهر الإنتاج والتوزيع والتصدير في البلاد.
يعرف رشدان(2015م) الاقتصاد بأنه: دراسة انتاج وتوزيع جميع الموارد النادرة من سلع أو خدمات غير ملموسة (ص31).
ويعرفه راضي(1984) بأنه: هو علم من العلوم الاجتماعية الذي يتوافر على دراسة سلوك الأفراد في محاولاتهم على توزيع الموارد النادرة ذات الاستعمالات البديلة بين الأهداف العديدة، وكيفية بذل هذه المحاولة عن طريق اجراء عمليات المبادلة في السوق (ص9).
والتعليم باللغة، هو مصدر علّم، وعلم تعليما فهو معلم والتعليم بمعنى التفهيم أو التدريب.
واصطلاحا: توجيه عملية التعلم، وتحفيز للمتعلم واستثمار لقواه العقلية والجسدية، وتهيئة الظروف له لحدوث التعلم بكافة اشكاله (الروسان، 1991، ص11).
وتعرف الاكاديمية العربية البريطانية التعليم: عملية منظمة يتم من خلالها إكساب المتعلم الأسس البنائية العامة للمعرفة، بطريقه مقصودة ومنظمة ومحددة الأهداف.

ويعرف اقتصاديات التعليم على أنه:
دراسة لكيفية اختيار الأفراد والمجتمع، باستخدام المال أو بدون استخدامه وتوظيف الموارد النادرة لإنتاج مختلف أنماط التدريب، وتنمية المهارات والمعرفة والأخلاق عن طريق التعليم الرسمي، وتوزيعها في الحال أو في المستقبل بين الافراد والجماعات في المجتمع ( الرشدان،2015، ص32 ).
يعرفه الشريفات على أنه: ذلك العلم الذي يبحث في التعليم من حيث التمويل والنفقات والعوائد والكفاءة الإنتاجية ودور العلم في تحقيق الكفاءة الاقتصادية (2001م).
ويعرف على أنه: علم يدرس أمثل الطرق لاستخدام الموارد التعليمية ماليا وبشريا وتكنولوجيا وزمنيا، من أجل تكوين البشر بالتعليم والتدريب في المجتمع التي يعيشون بها في الحاضر والمستقبل، لتحقيق أحسن توزيع ممكن لهذا التكوين (اللواتي، 2010).
وعرفه آخرين على أنه: أحد فروع علم الاقتصاد الذي يسعى لتطبيق الفكر الاقتصادي على التربية والتعليم بهدف ترشيد الانفاق على التعليم واعداد الكوادر البشرية ذات الكفاءة والجودة بأقل كلفة ممكنة، وقياس مساهمة التعليم والتربية والتدريب في تنمية الاقتصاد (بدر،1989م، ص97).
وعرفته وزارة التعليم بأنه: دراسة كيفية اختيار المجتمع وأفراده استخدام الموارد الإنتاجية لإنتاج مختلف أنواع التدريب وتنمية الشخصية من خلال المعرفة والمهارات وغيرها اعتماداً على التعليم خلال فترة زمنية محددة وكيفية توزيعها بين الأفراد والمجموعات في الحاضر والمستقبل.

خامسا: احدث ما كتب في اقتصاديات التعليم:

1- تقرير نشرته وزارة التعليم السعودية بتاريخ 9-7-2018م، بعنوان/ في اقتصاديات التعليم: الاسر السعودية تنفق حوالي 21.8مليار ريال على التعليم والتدريب.
     النظام التعليمي لا يعمل في عزلة أو انفصام عن نظم المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإنما يعمل في تفاهم وانسجام مع هذه النظم، يؤثر فيها ويتأثر بها يقدم لها خدماته ويفيد من خدماتها بمعنى أنها تعمل جميعاً في منظومة شاملة واحدة.
تغيرت النظرة إلى التعليم من كونه قطاع خدماتي إلى مفهوم أعم وأشمل من ذلك إذ ترتكز عليه عملية التنمية البشرية التي هي الهدف الأسمى والغاية المنشودة، وبدأت النظرة إلى الانفاق على التعليم تتغير تدريجياً وبدأ مفهوم رأس المال البشري في الشيوع بين علماء الاقتصاد المهتمين بالتربية، وكيف أن للتعليم دور كبيراً في المساهمة بالتنمية الاقتصادية، من أجل ذلك جاءت اقتصاديات التعليم كمنتج اقتصادي تعد له الدراسات وتبنى عليه الخطط التعليمية, فقد أجمعت فيه البحوث والدراسات خاصة في مجال اقتصاديات التعليم إلى أهمية التعليم كرأسمال بشري يفوق أضعاف رأس المال المادي التقليدي وتشير نتائج هذه الدراسات إلى ارتفاع العائد من التعليم وأن للتعليم دوراً بارزاً في النمو الاقتصادي.
وأن الاستثمار في رأس المال البشري يشبه تماماً الاستثمار في رأس المال المادي من حيث الأهمية إذ أن لتطوير رأس المال البشري انعكاسات هامة على النمو الاقتصادي، حيث أن هذه العلاقة ذات اتجاهين وأن التعليم والنمو الاقتصادي يدعم كل منهما الاخر. فمن ناحية يستطيع الاقتصاد النامي زيادة تخصيص الموارد لتطوير التعليم والصحة وغيرهما، ويساهم الاستثمار في المورد الإنساني في سرعة عملية النمو الاقتصادي من الناحية الأخرى.

تطور ميزانيات التعليم:
 ولقد تنبهت المملكة العربية السعودية لهذ الأمر باكراً، إذ أن المتتبع لتطور ميزانية التعليم في المملكة يستطيع أن يلحظ أن هذه الميزانية تطورت من 514مليون ريال عام 1386هـ إلى 192مليار ريال.  وأن المبالغ التي خصصت لتغطية نفقات التعليم في السعودية تمثل 5.7% من إجمالي الناتج المحلي في حين تشكل نفقات التعليم ببريطانيا 5.3 % وفي ألمانيا 4.3 % وفي كوريا الجنوبية 4.2 %. 
وتعتبر ميزانية المملكة لعام 2018 هي الأضخم في تاريخ المملكة من حيث الإنفاق حظيت العديد من
 القطاعات التنموية بمخصصات مالية أكبر في الميزانية السعودية 2018 لتتواكب مع تحقيق رؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني، حيث جاء قطاع التعليم في المركز الثاني بمخصصات بلغت 192 مليار ريال.
واحتوت رؤية المملكة 2030 على عدد من الأهداف الاستراتيجية، والمستهدفات، ومؤشرات لقياس النتائج، والتي من ضمنها تسريع التحول من اقتصاد قائم على النفط، إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وهذا ما دعا المملكة العربية السعودية إلى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العام لبناء مجتمع المعرفة، وقد وضعت الاستراتيجية رفع مستوى تحصيل المتعلم أهم أولوياتها، من خلال نظام تعليمي عالي الجودة، وتطوير المؤسسات التعليمية ومساندتها وذلك لبناء مجتمع معرفي متكامل وأداته التنمية. 

اقتصاديات التعليم
علم اقتصاديات التعليم مجال حديث النشأة، وكانت بدايته الحقيقة عقب الحرب العالمية الثانية، ويعد اليوم من أحدث العلوم التربوية، ولا يقتصر هذا العلم على دراسة المشكلات مثل كلفة المدارس وتمويلها بل يعالج مجالات أخرى كثيرة منها تأثير التربية والتعليم على بعض المظاهر مثل الهيكل الوظيفي للقوى العاملة وعلى توقعات النمو الاقتصادي في المستقبل والاستخدام الأمثل للموارد التعليمية وتكلفة التعليم وتمويله، واقتصاديات الجودة التربوية.
وقد عرف علم اقتصاديات التعليم "بأنه دراسة كيفية اختيار المجتمع وأفراده استخدام الموارد الإنتاجية لإنتاج مختلف أنواع التدريب وتنمية الشخصية من خلال المعرفة والمهارات وغيرها اعتماداً على التعليم خلال فترة زمنية محددة وكيفية توزيعها بين الأفراد والمجموعات في الحاضر والمستقبل" ، أي أن اقتصاديات التعليم تهتم بالعمليات التي يتم بها إنتاج التعليم وتوزيعه بين الافراد والمجموعات ، وتحديد حجم الانفاق على التعليم سواء من الأفراد أو المجتمع وعلى طرق اختيار أنواع التعليم ، وناتجها وكفايتها الكمية والكيفية. ويمكن حصر مجالات اقتصاديات التعليم في " التعليم والنمو الاقتصادي، تكلفة التعليم، تمويل التعليم، الفوائد من التعليم، الكفاءة الإنتاجية للتعليم، امكانات الاستفادة من اقتصاديات التعليم، المؤشرات التربوية".  

كلفة الطالب التعليمية:
تعتبر كلفة الطالب التعليمية هي أهم ما تحرص عليه اقتصاديات التعليم، فقد كشفت نتائج عدد من الدراسات العالمية أن نصيب الطالب من الانفاق يميل إلى الزيادة من سنة إلى أخرى في كل الأنظمة التعليمية تقريباً سواء التي نجحت في تحسين جودة نظام التعليم فيها أو ما ظهر فيها عكس ذلك
وعلى الرغم مما أكدته الإحصائيات العالمية في زيادة نصيب الطالب من الأنفاق العام سنوياً في كل الدول تقريباً إلى أن نتائج الدراسات العربية تؤكد أنه على الرغم من الجهود الحكومية العربية الملموسة في الزيادة السنوية لنصيب الطالب من الإنفاق العام، فإن ما ينفق على التعليم مازال قليلاً بالقياس إلى الزيادة الهائلة في معدل المدرجين سنوياً بالمستويات الثلاث. 
تبين إحصاءات تكلفة التلميذ أن هناك فروقاً واضحة بين التكلفة في التعليم الجامعي والتكلفة في التعليم العام. ففي الدول النامية تزيد تكلفة تلميذ الجامعة 26مرة عن تكلفة تلميذ الابتدائي، أما تلميذ المرحلة الثانوية فيتكلف 3 مرات ما يتكفله تلميذ المرحلة الابتدائية.
 وفي الدول المتقدمة تشير إحصاءات تكلفة التعليم إلى أن تلميذ الجامعة يكلف 2.5 مرة ما يكلفه تلميذ المرحلة الابتدائية، وهذا يعني استنتاجاً أن الموارد المالية المخصصة للتعليم في الدول النامية يوجه غالبيتها إلى مرحلة التعليم الجامعي بينما لا يخص التعليم الابتدائي إلا بالقليل على الرغم من أهميته للتنمية وعلى العكس من ذلك في الدول المتقدمة الصناعية. 
وتعزى أسباب الزيادة في تكلفة التعليم إلى الزيادة السكانية ولاسيما الناتجة عن زيادة عدد المواليد, ومحاولات معظم دول العالم إطالة عدد سنوات التعليم الإلزامي المجاني ليتعدى المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية وربما الثانوية ، كذلك الاهتمام بعوامل الجودة في التعليم مثل "رفع مستوى إعداد المعلم وتدريبه أثناء الخدمة وتطوير المناهج وتقليل كثافة الفصول وإطالة اليوم الدراسي والعام الدراسي والاهتمام بالمباني المدرسية " ومن أسباب زيادة المصروفات على التعليم الاهتمام بالدراسات التطبيقية والتكنولوجية في مرحلتي التعليم الثانوي والعالي والتوسع الكمي والكيفي في التعليم العالي الذي يعد أكثر مراحل التعليم تكلفة, لذا أصبح موضوح حفض التكلفة أو استثمارها في التعليم موضوعاً لا ينضب للعديد من الأبحاث والدراسات, لذا اهتمت الوزارة ببرنامج الخصخصة لتستطيع من خلاله تحقيق المعادلة الاقتصادية التنموية بما يعود للوسط التعليمي والميدان بالخير الكثير.
اهتمام الوزارة بها:
ولتنظيم أعمال الاستثمار واقتصاديات التعليم أنشأت الوزارة إدارة عامة لاقتصادات التعليم عام 1419هـ كنواة للاستثمار والتخصيص لبعض البرامج التعليمية بجانب المهام الأخرى للإدارة، وقد عُدل مسماها في عام 1426هـ إلى الإدارة العامة للاستثمار واقتصاديات التعليم. 
شرعت الوزارة في الاستفادة من الاستثمار في التعليم من خلال عدة برامج في المدارس آخذةً في الاعتبار عدم طغيان الجانب المادي على الجانب التربوي ومن هذه البرامج:
  1.  الاستثمار في المقاصف المدرسية
  2. الاستثمار في موارد المدرسة من خلال تأجير أبنية المدارس غير المستفاد منها حالياً أو تأجير أجزاء منها.
  3. . الاستثمار في الإعلان التربوي داخل المدارس
  4. . الاستثمار في بيع التوالف الورقية في المدارس
  5. الاستثمار في طباعة المفكرات المدرسية . 


الانفاق المجتمعي على التعليم:
ووفقاً للمسح الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء على قطاع التعليم والتدريب لعام 2017م أكدت فيه أن إنفاق الاسر السعودية بلغ 21.8 مليار ريال على التعليم والتدريب، بينها 7.64 مليار ريال على الرسوم الدراسية، منها 3.19 مليارات بالرياض و1.97مليار بمنطقة مكة المكرمة و1.4 مليار ريال في المنطقة الشرقية.
وأوضحت الهيئة في المسح أن الإنفاق على الأدوات المدرسية بلغ 4.895 مليارا. فحجم الانفاق عليها في الرياض 1102.9مليار ومنطقة مكة المكرمة 1068.3مليار والمدينة المنورة 544.6 مليون ريال والمنطقة الشرقية 673.8 ملايين.
بينما بلغ الإنفاق على الدروس الخصوصية 752.6 مليوناً. 259.6مليوناً في الرياض و155.7مليوناً في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة 60 مليون ريال والمنطقة الشرقية 107.9 ملايين.    
كما بلغ الانفاق على النقل المدرسي 1.84مليار ريال بينها 408 ملايين بالرياض و393.2مليوناً بمنطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة 173.9ملايين، والمنطقة الشرقية 356.3ملايين
.











2- كتاب بعنوان العائد من الاستثمار في التعليم ، للكاتب فيصل أحمد بو طيبه نشر عام 2016 ميلادي.




المبحث الثاني


·      المقدمة :
هناك علاقة وثيقة بين التعليم و الاقتصاد و التنمية , حيث أن التعليم يسهم في العملية التنموية إسهاما كبيراً , فالتعليم يمد خطط التنمية بالكفاءات البشرية المتعلمة , كما يقدم لها كم هائل من المعارف و المعلومات الناتجة من البحوث العلمية المرتبطة بشكل كبير بالتعليم , و من جانب أخر فإن الاقتصاد يوفر للتعليم موارد مختلفة , و ينظر إلى التعليم على أنه مزيج من الإنفاق و الادخار , حيث أن المجتمع بمؤسساته المختلفة يخصص مبالغ طائلة لمجال التعليم على أمل الحصول منه على عوائد مستقبلية , و يطلق على هذه العملية مصطلحين هما تكلفة التعليم و عائدات التعليم , و هما أبعاد لمصطلح أكبر هو اقتصاديات التعليم , و فيما يلي نستعرض و بشكل مختصر ما هي أهداف اقتصاديات التعليم ؟ و ما هي مجالات البحث فيه ؟


·      الأسباب التي تمنع وجود تعريف يوافق عليه معظم المختصين : 

-        اختلاف وجهات النظر و التخصصات :
يندرج علم اقتصاديات التعليم تحت مظلة العلوم الاجتماعية , و التي تتسم باختلاف وجهات نظر العلماء فيها , حيث ان كل عالم يركز فيها على جانب معين أكثر من الجوانب الأخرى , مثلاً : بعض العلماء يركز على تكلفة التعليم و يعرفه بدلالة التكلفة , و يركز أخرون على عائد التعليم والعائد النفسي بوجه الخصوص و يتأثر تعريفهم لاقتصاديات التعليم بذلك , وبناء على ذلك يمكننا القول بأن اختلاف وجهات نظر العلماء و اهتماماتهم يؤدي إلى اختلاف التعاريف و تباينها . (الرشدان, 2015, 32 )
كما أن علم اقتصاديات التعليم كان في البداية محط اهتمام علماء الاقتصاد و من ثم أصبح محط اهتمام علماء التربية , و نتيجة للاختلاف الكبير بين مجال الاقتصاد و مجال التربية في نظرتهم للتربية و التعليم كان من الصعب الوصول إلى تعريف واحد لاقتصاديات التعليم , حيث ان علماء الاقتصاد يركزون على الجوانب المادية , بينما يركز علماء التربية على جوانب أخرى و هي الجوانب النفسية و الاجتماعية . (الرشدان, 2015, 33)



-        الاختلاف حول أصل هذا العلم :
نشأ علم اقتصاديات التعليم نتيجة تفاعل علم الاقتصاد و علم التربية , وقد اختلف العلماء في توضيح مفهوم هذين العلمين و على وجه الخصوص علم التربية , فقد تباينت الفلسفات و وجهات نظر العلماء في توضيحه , كما أثر على ذلك العوامل الزمنية و المكانية و ما ينتج عنهما من اختلاف في التراث الثقافي لأي مجتمع , و تعتبر عملية التربية عملية اجتماعية ثقافية محددة بعوامل الزمان و المكان , و نتيجة لهذا لاختلاف و التعدد في وجهات النظر فيما يتعلق بأصل هذين العلمين و لا سيما التربية , أصبح هناك تباين في تعريف اقتصاديات التعليم كونه نتاج التفاعل بينهما . (الرشدان, 2015, 33)
-        حداثة علم اقتصاديات التعليم :
إن عامل الزمن يؤثر بشكل كبير في توضيح المفاهيم , حيث أن هناك علاقة طردية بين عامل الزمن و المفاهيم , فكلما زادت فترة ظهور العلم زاد استقرار مفاهيمه و ترسخت , و بناء على هذه القاعدة فضل علماء اقتصاديات التعليم و الذي يعد من العلوم الحديثة بعدم إعطاء أي تعريف له و الاكتفاء بعرض مجالات البحث فيه . (الرشدان, 2015, 33)
·      الأهداف التي يسعى علم اقتصاديات التعليم لتحقيقها :
1- رفع مستوى الكفاية الاقتصادية للتعليم , و ذلك من خلال التوظيف الأمثل للإمكانيات و زيادة الموارد المخصصة للتعليم لضمان الجودة .
2- إيجاد مستثمرين فاعلين يدخلون كشركاء مع ما تتبناه الدولة من مشاريع و مصاريف في المجال التعليمي .
3- التخطيط الجيد لكل البرامج التعليمية و السياسات التربوية , و التي تسعى لتحقيق اقتصاد استثماري جيد .
4- تشجيع المجتمع المحلي على المشاركة الفعالة في كافة المشاريع التربوية التي تتبناها الدولة في الاستثمار في مجال التعليم .
5- نشر ثقافة الاقتصاد التعليمي مفهوماً و عملاً في كافة أجهزة الوزارة و التوعية بأهمية البعد الاقتصادي في اتخاذ القرار التربوي . ( العنقودي,2010 ,19)

·      مجالات البحث في اقتصاديات التعليم :
يرى (مارك بلاو) في العنقودي بأن أهم القضايا التي يتناولها مجال اقتصاديات التعليم بالبحث كتالي :
1- مقدار المبالغ التي ينبغي على الدولة أن تنفقها على التعليم ووسائل تدبير هذه المبالغ .
2- الانفاق على التعليم هل هو إنفاق استثماري أو استهلاكي ؟ و ما هو العائد من هذا الاستثمار؟.
3- تحديد التركيبة المثلى من وقت التلاميذ و المدرسين و المباني و الأدوات اللازمة للعملية التعليمية .
4- تحديد الهيكل الأمثل للهرم التعليمي , و تحديد عدد التلاميذ عند كل مستوى من مستويات التعليم .
5- تحديد التوليفة المناسبة من التعليم الرسمي الذي يتم داخل المدارس و الكليات , و التعليم غير الرسمي الذي يتم خارجها .
6- مساهمة التعليم في تنمية العنصر البشري و حثه على المساهمة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية . (2010, 21)
و يرى الرشدان أنه في أوائل الستينات من القرن العشرين , أولى العلماء اهتماماً للبحث في مجال اقتصاديات التعليم , و أصبح هناك العديد من البحوث المتنوعة و المتعمقة في هذا المجال , و ساعدت هذه البحوث في تكوين صورة واضحة عن هذا المجال و نظرياته , و مع مرور الزمن زادت الصلة بينه و بين العلوم الأخرى سواءً كانت العلوم التربوية أو الاجتماعية , و فيما يلي عرض لأبرز مجالات البحث في مجال اقتصاديات التعليم من وجهة نظره  :  
(2015, 35)
-        التعليم و النمو الاقتصادي و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية :
و يعرف النمو الاقتصادي على أنه " الزيادة الكلية في انتاج السلع و الخدمات في منطقة ما خلال فترة زمنية " (الرشدان ,2015, 41)
و تعرف التنمية الاقتصادية على أنها " عملية يزداد فيها الدخل القومي , و دخل الفرد في المتوسط , بالإضافة الى تحقيق معدلات عالية من النمو في قطاعات معينة تعبر عن التقدم ". (الرشدان ,2015, 56)
و تعرف التنمية الاجتماعية على أنها " تحقيق التوافق الاجتماعي لدى افراد المجتمع بما يعنيه ذلك من اشباع بيولوجي و نفسي و اجتماعي " . (الرشدان ,2015, 63)

-        تكلفة التعليم و تمويله :
يعبر مفهوم الكلفة بشكل عام عن القيمة المادية و المالية التي ينفقها الفرد للحصول على خدمة أو سلعة مقابل إنتاج تلك السلعة أو الخدمة , و يمكن التعبير عن هذه القيمة بعبارات نقدية أو غير نقدية , و تقدم هذه القيمة إلى أحد أطراف العملية الاقتصادية و هو البائع أو المُنتج .
أما فيما يتعلق بالكلفة في مجال التعليم فيقصد بها : " مجموع القيم المادية و المالية التي تنفق أو ينبغي إنفاقها لإنتاج مخرجات معينة من الموارد البشرية " , و مثال ذلك الكلفة المادية اللازم إنفاقها لتوفير الفرص التعليمية و المهارات و المعارف للشباب و تخليصهم من الأمية و ذلك بهدف مساعدتهم على التكيف مع الحياة المعاصرة , و الكلفة اللازمة لتزويد العاملين في المجالات المختلفة سواء الصناعية و التعليمي و الطبية بالمهارات و القدرات المختلفة , و تمتد هذه الكلفة لعدة سنوات و يختلف مقدارها من عام لأخر بحسب اختلاف نوع التعليم و حاجاته و ما يطرأ عليه من ظروف خارجية .
( خير ,1014, 101)

-        عائدات التعليم :
و يعتبر العائد من التعليم المفهوم المقابل لتكلفة التعليم , فالعائد من التعليم يقصد به : الفوائد و المنافع التي تعود على الشخص بشكل خاص أو المجتمع بشكل عام نتيجة للتعليم مقارنة بالتكلفة التي قدمها الشخص و المجتمع للحصول على التعليم , و على الرغم من أن خلفية هذا المفهوم تعود للتراث الاقتصادي , إلا أنه له أبعاد مختلفة ترجع لعلوم أخرى مثل علم الاجتماع . (عبدالفتاح ,2013 ,37)
و يمكن تقسيم العائد إلى نوعين وفقاً لنوع المستفيد إلى نوعين :
1- عائد مباشر في حال كان المستفيد الفرد .
2- عائد غير مباشر في حال كان المستفيد المجتمع .
و يمكن أيضاً تقسيم العائد وفقاً لطبيعته إلى نوعين :
1- عائد مالي أو اقتصادي أو مرتبط بالسوق .
2- عائد غير مالي أو اجتماعي أو غير مرتبط بالسوق .
مثال على العائد المباشر المالي : تحسن الإنتاجية الاقتصادية للأفراد, و زيادة التكسب من العمل .
مثال على العائد المباشر الغير مالي : تحسن صحة المتعلمين و زيادة قدراتهم في الاستمتاع بوقت الفراغ و مظاهر رفاهيتهم و زيادة خياراتهم الشخصية .                                                                        مثال على العائد الغير مباشر المالي : انعكاس أثر تحسن المخرجات الاقتصادية المنظمات و الشركات و المجتمع , و توسيع الإمكانات التكنولوجية و استخدام تكنولوجيا جديدة .
مثال على العائد الغير مباشر غير المالي : زيادة المساواة الاجتماعية و التماسك الاجتماعي و تخفيض الضغوط البيئية و زيادة المشاركة الاجتماعية و السياسية .
(عبدالفتاح ,2013 ,37)

-        الكفاءة و الإنتاجية في التعليم :                                                                ذكر الراشد في (الجروشي و الفضيل) أن الكفاءة الإنتاجية للتعليم (الإنتاجية التعليمية ) هي " حساب المكسب و الخسارة من العملية التعليمية في صورتها النهائية " و ذلك من خلال معرفة حجم الأموال المستثمرة في التعليم بالإضافة الى معرفة مقدار العائد منها , كما يقصد بالإنتاجية العلاقة بين المدخلات و المخرجات التعليمية , باعتبار أن الإنتاجية هي نسبة المدخلات إلى المخرجات , كما أنها تعبر عن مدى قدرة العملية التعليمية على تحقيق الأهداف المرجوة منها . (2017, 4)
ويرى خليفة في (الجروشي و الفضيل) أنه يمكن تقسيم الكفاءة الإنتاجية للتعليم إلى نوعين :
1- الكفاءة الداخلية : و هي العلاقة بين مدخلات العملية التعليمية و نواتجها .
2- الكفاءة الخارجية : و تتمثل في قدرة العملية التعليمية على إنتاج مخرجات لديها القدرة على تلبية احتياجات سوق العمل من كافة التخصصات المختلفة بالكم و النوعية المناسبين و في الوقت المناسب . (2017, 4)
-        هجرة العقول :
و يقصد بهجرة العقول أو نزف العقول : الهجرة الدائمة للكفاءات الأكثر تعليماً و تأهيلاً من خريجي الدراسات العليا و ما فوقه الى الخارج , و ذلك بهدف السعي خلف فرص وظيفية أو مستوى معيشة أفضل خارج أوطانهم . (صالح ,2011 ,58)
و تعد هجرة العقول من أكثر المشاكل التي تعرقل خطط التنمية في الكثير من البلدان النامية , حيث أن هذه الخطط لا تتم بلا الدور الهام الذي يقوم به العلماء , لذا تعد الكفاءات العلمية خسارة كبيرة لتلك البلدان . (صالح ,2011 ,58)
-        أنواع هجرة العقول :
يوجد ثلاثة أنواع لهجرة العقول هي :
1- هجرة العقول الخارجية :
و هي النمط الشائع في هجرة العقول من الوطن العربي الى خارجه . (صالح ,2011 ,59)
2- هجرة العقول الداخلية :
وتعبر عن بقاء الكفاءات العلمية في بلدانهم العربية , و لكن يعيشون منعزلين عن واقعهم و مجتمعهم , موجهين جل اهتمامهم للعلم في حد ذاته و المعرفة بغرض المعرفة فقط دون تسخيرها لخدمة المجتمع و الخطط التنموية في ذلك المجتمع , و السعي وراء الحصول على الجوائز و التقديرات . (صالح ,2011 ,59)
3- هجرة العقول الأساسية :                                                                        و يقصد بها إخفاق بعض الدول النامية في الاهتمام بالكفاءات العلمية لديها و إهمالهم , نتيجة للعديد من العوامل منها نقص الإمكانيات و الفقر الذي تعاني منه الدول النامية بالإضافة الى الأوضاع السياسية السيئة و حجب المعرفة . (صالح ,2011 ,60)
-        أسباب هجرة العقول :
تتفاوت الأسباب المؤدية لهجرة العقول بين أسباب سياسية السيئة في تلك البدان و الافتقار الى الاستقرار السياسي و الإداري و اللذان بدورهم يؤدون إلى غياب الفرص الوظيفية و التعلمية في تلك البلدان ,  و الأسباب الاقتصادية فالكسب المادي يعتبر الدافع  و العامل الأهم وراء أغلب عمليات الهجرة للكفاءات العلمية , كما أن الأسباب الحضارية و الاجتماعية و الثقافية ر تدفع بالكثير من هذه الكفاءات بالهجرة بحثاً عن بيئات متطورة و تتناسب مع قدراتهم و أوضاعهم العملية و الثقافية . (صالح ,2011 ,60)
-        الآثار المترتبة على هجرة العقول :
أما فيما يتعلق بالآثار المترتبة على هجرة هذه العقول العلمية , فهي كثيرة و منها :
1- ضياع الجهود و الطاقات الإنتاجية و العلمية لهذه العقول العربية , بينما تحتاج خطط التنمية في بلداننا العربية مثل هذه العقول في المجالات الاقتصادية و التعليمية و الصحية و غيره .
2- تبديد الموارد الإنسانية و المالية التي أنفقت على تدريب و تعليم الكفاءات التي تحصل عليها البلدان الغربية بدون مقابل .
3- ضعف و تدهور الإنتاج العلمي و البحثي في البلدان العربية بالمقارنة مع الإنتاج العلمي للعرب المهاجرين الى البلدان الغربية .
4- مع ازدياد معدلات هجرة العقول العربية إلى الغرب ,يزداد اعتماد البلدان العربية على الكفاءات الغربية في ميادين شتى , بتكلفة اقتصادية مرتفعة , و بذلك تتحمل البلدان بسبب هذه الهجرة خسارة مضاعفة لضياع ما انفقته من أموال لإعداد العقول العلمية التي هاجرت , و مواجهة نقص الكفاءات عن طريق الاستعانة بالكفاءات الغربية بتكلفة كبيرة .  (صالح ,2011 ,65)

دراسات حديثة :
عنوان الدراسة : دور اقتصاديات التعليم في رفع مستوى رأس المال البشري و تحقيق الميزة التنافسية لمنظمات الأعمال المعاصرة .
اسم الباحث : زرزار العياشي .
في هذه الدراسة تناول الباحث دور اقتصاديات التعليم في بناء رأس المال البشري , فيرى الباحث أنه في ظل تطور اقتصاديات التعليم أصبحت العلوم و المعارف هي أهم مصادر التمايز و التنافسية , كما أشار الباحث في بحثه في البداية الى مفهوم رأس المال و أهميته و الفرق بين رأس المال المادي و البشري و تطرق في هذا المحور الى مفهوم الانفاق في العملية التعليمية , و من ثم أشار في المحور الثاني الى مفهوم اقتصاديات التعليم و و دورها في بناء رأس المال البشري , و تطرق في هذا المبحث الى مفهوم العائد من التعليم  و أنواعه و قياسه , و في المحور الثالث تطرق الباحث الى التعليم و رأس المال البشري و دورهما في تعزيز الميزة التنافسية لمنظمات الأعمال . 


المراجع:


راضي، عبدالمنعم. (1984م). مبادئ علم الاقتصاد. القاهرة، مكتبة مطابع عين شمس.
بدر، ماجد.(1989م). اقتصاديات التعليم والتطوير التربوي. مجلة المعلم، 2.
الروسان، سليم سلامة. (1991م). المتعلم والتعليم الصيفي. عمان: دار أمية للنشر.
عبد القادر، على. (2001م). أسس العلاقة بين التعليم وسوق العمل وقياس عوائد الاستثمار البشري. الكويت: المعهد العربي للتخطيط.
الشريفات، عبدالله محمد عودة. (2002م). اقتصاديات التعليم من منظور الاقتصاد الإسلامي. جامعة اليرموك: دار المنظومة، 1-110. مسترجع من:
فلية، فاروق عبده.( 2003م). اقتصاديات التعليم. عمان: دار المسيرة.
كامل، عمر علي. (2007م). اقتصاديات التعليم نظرة تحليلية. رسالة التربية-سلطنة عمان، 14، 102-103. مسترجع من:
اللواتي، محمد بن شهاب بن حبيب (2010م). علم ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ: ﻣﻨﺸﺄﻩ ﻭﺗﻄﻮﺭﻩ ﻭﻣﺠﺎﻻﺗﻪ ﻭﺃﻭﺟﻪ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ. رسالة التربية-سلطنة عمان.29، 10-15. مسترجع من:

 وزارة الاقتصاد والتخطيط. (2015م). تقرير الاقتصاد السعودي لعام2014م. وزارة التخطيط والاقتصاد.
بو طيبة، فيصل أحمد. (2016م). العائد من الاستثمار في التعليم. الأردن: عمان دار اليازوري.

وزارة التعليم. (2018م). في اقتصاديات التعليم: انفاق الاسر السعودية على التعليم. وزارة التعليم.
- الجروشي , علي عبدالسلام . الفضيل , عبدالحميد . 2017. قياس الكفاءة الإنتاجية الداخلية للعملية التعليمية في مؤسسات التعليم العالي : دراسة تطبيقية لحالة كلية الاقتصاد و العلوم السياسية جامعة مصراته . مجلة دراسات الاقتصاد و الأعمال – كلية الاقتصاد و العلوم السياسية – ليبيا , 1-17 , مسترجع من : 
خير , النورعبدالرحمن محمد . 2014 . كلف التعليم و إسهام عائداته في بناء الفرد و نهضة المجتمع . مجلة جامعة بحري للآداب و العلوم الإنسانية – السودان , 97-120 , مسترجع من :
الرشدان , عبدالله . 2015. في اقتصاديات التعليم . ط3 , دار وائل , الأردن.
صالح , يوسف . 2011 . هجرة العقول العربية : أسبابها و أثارها . مؤتمر(الرؤيا المستقبلية للنهوض بالبحث العلمي في الوطن العربي ) – المنظمة العربية للتنمية الإدارية – الأردن , 53-69 , مسترجع من :
عبدالفتاح , خالد .2013. العائد الاجتماعي من التعليم في مصر . المجلة العربية لعلم الاجتماع – مركز البحوث و الدراسات الاجتماعية – كلية الآداب – جامعة القاهره – مصر , 35-84 , مسترجع من :
العنقودي , عيسى بن خلفان . 2010. العلاقة بين اقتصاديات التعليم و التخطيط التربوي لتحقيق أفضل استثمار في الطالب . رسالة التربية – سلطنة عمان , 16-25 , مسترجع من: 
العياشي , زرزار . دور اقتصاديات التعليم في رفع مستوى رأس المال البشري و تحقيق الميزة التنافسية لمنظمات الأعمال المعاصرة . مجلة كيرالا – قسم اللغة العربية – جامعة كيرالا – الهند , 108-128 , مسترجع من :



هناك 3 تعليقات:

  1. مقالات قيمة جزاكم الله خيرا

    ردحذف
  2. ارجو الاطلاع على كتابنا الموسوم :اقتصاديات التعليم
    مجموعة محاضرات جامعية على نمط التعليم الذاتي
    تأليف :ا.د.كمال محمد عبيد وا.طارق فاروق
    منشورات جامعة افريقيا العالمية -السودان
    إصدار الدار العالمية بالقاهرة

    ردحذف
    الردود
    1. هلا تكرمت بارسال الكتاب على صغة pdf

      حذف